تصف مراجع سياسية لصحيفة "الجمهورية" بـ:الاختبار الكبير" المنتظر للحكومة، مع وصول وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الى بيروت، حيث تكمن نقطة الاختبار الاساسية في قدرة الجانب اللبناني على تجاوز انقسامه وتبايناته حول قضايا خلافية اساسية، وبالتالي صياغة موقف لبناني رسمي موحّد حيالها.
وفيما اكدت أوساط رسمية لـ"الجمهورية" انّ موقف لبنان من مختلف القضايا، وأيّاً كانت الطروحات التي يحملها معه وزير الخارجية الاميركية، محدّد في البيان الوزاري للحكومة، وسيجري التعبير عنه من قبل مختلف المستويات اللبنانية الرسمية التي سيلتقيها بومبيو. كشفت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهورية" انّ زيارة بومبيو الى لبنان لا يمكن اعتبارها استثنائية، تحمل افكاراً اميركية يمكن وصفها بالجدية او النوعية، ذلك انّ التحضيرات الديبلوماسية الاميركية لهذه الزيارة لم تؤشّر الى ذلك، بل هي تتويج لسلسلة الزيارات المتتالية التي قام بها مسؤولون اميركيون الى لبنان في الاشهر الاخيرة.
ولفتت المصادر الى انّ جدول اعمال زيارة بومبيو مكمل لما أثير في تلك الزيارات، والذي اكد انّ حزب الله هو البند الاساس في أجندة الضغط الاميركي، الرامية الى تشديد الخناق عليه باعتبار انه يشكل في نظر الادارة الاميركية وحلفائها مصدر قلق على مستوى المنطقة والعالم، وتهديداً لاستقرار لبنان.
وذكرت المصادر بـ"أنّ بومبيو، وكما كشف نائب وزير الخزانة الاميركية لشؤون مكافحة تمويل الارهاب مارشال بيلينغسلي امام شخصيات لبنانية خلال زيارته لبنان في كانون الثاني الماضي، هو صاحب فكرة وضع الحكومة اللبنانية تحت المجهر الاميركي خلال العام الحالي كتعبير عن استياء اميركي من إشراك حزب الله فيها، وإسناد وزارة الصحة الى وزير محسوب على الحزب، من شأنه ان يسخّر الوزارة وامكاناتها لأغراض تمويلية لحزب الله، لتعويض ما يعانيه من ضائقة مالية وتمويلية.
وفيما لم تستبعد المصادر الديبلوماسية ان يكون ملف الحدود البحرية عنواناً اساسياً في زيارة بومبيو، قال مرجع معني بهذا الملف لـ«الجمهورية»: انّ لبنان، وتبعاً للتجربة مع الاميركيين في هذا الملف، لا يثق بالاميركيين كوسيط نزيه في هذه المسألة. وبالتالي، لا يتوقع ان يثير وزير الخارجية الاميركية هذه المسألة خارج سياق مصلحة اسرائيل.
وبالتالي، فإنّ خلاصة الموقف الرسمي انّ لبنان يرفض المس بسيادته وحدوده البحرية الكاملة، وبالتالي يرفض اي فكرة لتقاسم هذه سواء عبر ما يسمّى «خط فريدريك هوف» او اي خطوط وهمية اخرى، فـ«خط هوف» يحرم لبنان ما يزيد عن 360 كلم2 من حدوده البحرية ضمن بقعة الـ860 كلم2 الواقعة ضمن الحدود البحرية اللبنانية الخالصة والتي تنازعه عليها اسرائيل، والتي تقوم حالياً بمحاولات واضحة لبدء استخراج النفط والغاز من المناطق المتنازع عليها.
وتضيف المصادر لـ"الجمهورية" ان فيما بات محسوماً انّ تعيينات المجلس العسكري ستمر بشكل انسيابي، الّا انّ العنوان الكهربائي الذي سيقاربه مجلس الوزراء من باب الخطة الموضوعة لمعالجة الازمة المزمنة في هذا القطاع، يتجاذبه توجهان داخل الحكومة، يسعى الاول الى إقراره في جلسة اليوم، ويدفع في هذا الاتجاه بشكل واضح وزراء تكتل «لبنان القوي»، ويسعى الثاني الى مقاربته بتمحيص تفصيلي ومن دون تسرّع، خصوصاً انّ جلسة واحدة لمجلس الوزراء قد لا تكون لعرض هذا الملف نظراً لضخامته، إضافة الى تشعباته التي تتطلب الاستعانة بخبراء لتقديم شروحات تفصيلية حوله، ويشدّ في هذا الاتجاه سائر الاطراف.
وذكرت مصادر وزارية انّ مقاربة ملف الكهرباء حالياً لن تكون على طريقة البصم، والهدف الاساس هو الذهاب الى ابتداع حل جذري لأزمة الكهرباء، وإصلاح هذا القطاع الذي يشكّل احد الاسباب الجوهرية للأزمة الاقتصادية والمالية، وليس تكرار الذهاب الى حلول مؤقتة ومجتزأة تكبّد الخزينة اموالاً طائلة وتبقي في الوقت نفسه الأزمة قائمة، على غرار ما جرى اعتماده من حلول ترقيعية سابقة، تثير الالتباسات ويكثر حولها الحديث عن صفقات وسمسرات، على شاكلة استئجار البواخر، وهو الامر الذي لا يجد قبولاً لدى غالبية مكونات الحكومة.